[size=18]دار حوار بين إتنين , الأول محلل مالي محترف وذو حكمة , والثاني صاحب دراية بعالم الفوركس
كان إسم المحلل المالي المحترف أيمن
وإسم الرجل التاني أحمد
وكان أحمد قد خسر جل حسابه رغم أنه شبه محترف
جاء في حوارهما ما يلي
[/size]
[size=18]أيمن : ما الحُكم الذي تصدرُه على نفسك من حيث فتحك لصفقاتك ؟
أحمد : استطيع أن أجزم وبكل تأكيد أن قراراتي في فتح الصفقات هي صائبة بنسبة 75% . إن تحليلي للسوق هو في معظم الأحيان موضوعيا ومنطقيا ، يستند على ما يتوفر لي من الأخبار المستجدة على الساحة والمؤثرة في هذه العملة أو تلك ، كما يستند إلى ما استطعت توفيره لنفسي من مبادئ التحليل الفني ، وفي غالب الأحيان أوفق في أحكامي .
أيمن : مشكلتك في قفل صفقاتك إذاً .
أحمد : إقفال الصفقات هي مشكلتي , لقد أصبت في تقديرك .
أيمن : أنا لم اقدّر ، أنا اعرف ذلك هي ليست مشكلتك بل مشكلة السواد الأعظم من الداخلين إلى هذا السوق أنت تجني أرباحا قليلة وتقع بخسائر كبيرة .
أحمد : بالضبط هذا ما يحصل معي أفتح الصفقة وأحددُ لها هدفا ، ولكنني نادرا ما ألتزمُ بما حددت ، بل أراني وبخطوة غير شعورية مسرعا إلى جني ربح قليل من صفقتي خوفا من أن يضيع علي بينما أتصرف عكس ذلك حيال الوقف لتحديد الخسارة الدي أكون قد قررته للصفقة ، فما أن يقترب السوق من الوقف المحدد حتى تتملكني رغبة غريبة بعدم التضحية بالربح الذي حققته في الصفقة السابقة ، وأحس بقوة داخلية قوية تدفعني لإلغاء هذا الستوب اللعين الذي لا بد أن يأكل ربحي السابق . أسارع إلى إلغائه معتمدا على رغبة متعاملا معها بثقة كلية عمياء على أنها واقع حقيقي رغبة في أن يعود السوق للسير في مصلحتي بعد أن يتجاوز الوقف بنقاط قليلة ولتدعيم رغبتي أسعى للبحث عن معطيات تصب في هذا الاتجاه بأية وسيلة وأنا أجدها في معظم الأحيان أنا لا ألغي الستوب ولكنني ادفعه صعودا أو نزولا ، وما أن يقترب السوق منه مرة جديدة حتى ادفعه ثانية أو ألغيه مستكثرا لا مبال بمقدار الخسارة التي سأقع فيها إن أنا سمحت بتفعيله ، ومتعلقا بحبال الأمل وحدها ، وأنصرف إلى المراقبة و الانتظار مربوط اليدين معدوم الحيلة ولا أنسى الدعاء للسوق ولنفسي ... ولكن هذه الصفقات غالبا ما تكون سببا لخسارة كبيرة تأكل كل ما أحقق في غيرها .
أيمن : إذن فقد وضعنا الأصبع على الجرح ووجدنا مكمن الداء علينا أن نعالج هذه المعضلة معضلة جني الأرباح القليلة والوقوع في الخسائر الكبيرة .
أحمد : صدقت ولكنني لا أجد السبيل إلى العلاج فهل تقول شيئا في هذا السبيل ؟
أيمن : أقول ، وأرجو أن يكون مفيدا سأخبرك قصتك مع البورصة بكل تفاصيلها وأن أخطأت أرجو أن تنبهني على خطأي .
أحمد : وهو كذلك .
أيمن : لقد بدأت عملك وفي ذهنك قناعة راسخة وثقة تامة بأنك ستصبح في أسابيع قليلة من الأثرياء لأن الله فتح عليك بابا كان موصدا في وجهك ودلك على سبيل كان غريبا عنك بدأت عملك بثقة الواثق وإقبال الطامع ونهم الجائع بدأت تضرب في السوق ضربات عشواء يمين وشمال بيعا وشراء متأملا في الربح واثقا منه محققا الخسارة ولا شيء غيرها .
هل هدا صحيح ؟
أحمد : هدا صحيح .
أيمن : لقد شددت في بدايتك على نقطة واحدة كلما ارتفع عدد العقود التي اشتريها ارتفع معه مستوى المبلغ المقروض الذي أتاجر به وبالتالي سأحقق أعلى نسبة من الربح . فكرت بهذا وركزت عليه وأغلق طمعك عينيك عن الوجه الأخر للحقيقة , إن ارتفاع العقود بشكل جنوني يمكن له أن يحقق لك ربحا هائلا هذا أمر صحيح ولكنه غير مضمون الحصول فهناك الوجه الآخر للحقيقة ، إن إنخفاض العقود بشكل جنوني قد يوقعك في خسارة هائلة إن كانت صفقتك غير موفقة .
أنت رأيت وجه الحقيقة الذي تتمناه الذي تريده وحولته بحركة غير موضوعية إلى واقع أكيد حاصل وتعاملت مع الحقيقة على كونها ذات وجه واحد ومع البورصة على كونها طريق ذات اتجاه واحد ضاربا عرض الحائط بكل مبادئها .
أحمد : لا أنكر أن هذا صحيحا
أيمن : قد تكون صفقتك الأولى موفقة . أنا لا أعرف ذلك ولكن ما أعرفه وأؤكده بالثقة كلها ، وبالجزم كله هو أنك بعد هذه الصفقة الأولى التي لربما كانت موفقة قد ازددت عبادة لنفسك وثقة بعبقريتك فعمدت إلى رفع مستوى العقود مرة جديدة طمعا بربح جديد مضاعف .
هنا وقعت في الخطأ القاتل لقد حكمت على نفسك بالإعدام خسرت صفقتك وكانت الخسارة موجعة جدا .
أحمد : هذا أيضا ليس بوسعي أن أنكره ، ولكن ما علاقة كل هذا بما يصيبني اليوم . لماد إذا تصر على نبش ماضي ، وكشف زلاتي ؟
أيمن : أنت يا صديقي تعتقد أن ماضيك قد مضى ولكنني أقول لك أن ماضيك هو ما يعمل حاضرك إن كل نفَس يدخل اليوم صدرك ليس إلا ابنَ نفَس خرج منه في ماض قريب أو بعيد إن كل حرقة أو ندامة تعأني منها أليوم ليست سوى غلطة وقعت بها بالأمس إن ما تعانيه اليوم ليس إلا نتيجة مباشرة لما وقعت به في الماضي من أخطاء قاتلة ، وما تقع اليوم به من أخطاء لن يكون سوى السبب المباشر لما سوف تعانيه في غدك من عراقيل ومصاعب .
أحمد : أوضح لي أكثر بربك ولا تحدثني بالأحاجي .
أيمن : بعد وقوعك في هذا المأزق آلمك الحدث كثيرا فكرت به مليا عرفت أنك مخطئ في ما أقدمت عليه عاهدت نفسك بألا تعيد الخطأ مرة ثانية . ولكنك للأسف وقعت فيه مرة ثانية وثالثة وما زلت تقع فيه حتى الآن .
أليس هذا صحيحا ؟
أحمد : هدا صحيح .
أيمن : قطعت وعدا على نفسك بأن لا تقع بنفس الخطأ لكنك لم تعالجه وحتى لم تفكر بمعالجة سبب الخطأ كان عليك أن تذهب إلى الجذور لا أن تكتفي بالقشور كان عليك أن تقنع نفسك بمخاطر المحاولات التي تعتمدها بالانتقال إلى مراتب المجد بأيام قليلة.
عوض ذلك كأن عليك أن تسعى إلى اكتساب فن هذه التجارة من خلال الرضا بالربح القليل أو حتى بالخسارة القليلة مقابل تعلم مهنة واكتساب خبرة وسلوك معراج النجاح خطوة وراء خطوة
كان عليك أن تحدد مبلغا يحق لك خسارته وهو لا يتجاوز بأية حال ال 10% من المبلغ الذي رصدته لهذه التجارة وكان عليك أن تحدد زمنا لا يقل بأية حال عن الأشهر الثلاثة يحق لك فيها خسارة هذا المبلغ .
خسارة قليلة لمبلغ يمكنك أن تحتمله ماديا ونفسيا مقابل تعلم لفنون في فسحة زمنية كافية لذلك
أنت لم تفعل ذلك ما فعلته هو أنك نويت أن لا تقع في نفس الخطأ مرة جديدة وعدت نفسك ولم تلتزم بوعدك هدفك الخاطئ بقي هو نفسه ، هدفك الخاطئ كان واستمر ولا يزال إلى الآن ، تحقيق قدر كبير من الربح في أقصر مدة ممكن مع الزمن والتعلم .
هدفك الخاطئ الذي أوقعك في ما أنت فيه هو : أريد أن أصير غنيا أريد أن أصير بين ليلة وضحاها .
أحمد : صدقت ، هذا ما حصل معي ، ولكن مادا كان علي أن أفعل ؟
أيمن : كأن يتوجب عليك أن تبدأ التعامل بمبلغ يعتبر جزءا غير كبير مما تملك بهدف تعلم كل ما يتعلق بهذه التجارة من فنون وأسرار .
التعلم له ثمن عليك أن ترتضي دفعه عليك أن تسعى لتقليل هذا الثمن قدر الإمكان لا أن تضع لنفسك أهدافا خيالية .
هدفك الأولي في أيامك الأولى يجب أن يكون : تحقيق خسائر غير عالية ومحتملة وغير موجعة وفي أحسن الأحوال عدم الخسارة لا تحقيق أرباح غير واقعية .
اعلم ، وليعلم كل داخل إلى هذا العالم السحري أنك وأنه لا يجب أن يسحر به إلى درجة الغياب عن الواقع أو دفن الحقيقة . المال جذاب جدا المال غاية الجميع ولكن بين ربحه وخسارته خيط رفيع واسع يمكنك امتلاك القدرة على رؤية هذا الخيط لعبور الحدود ، الحدود الفاصلة بين جمهرة الخاسرين وجماعة الرابحين .
لا تبدأ العمل إذا بنفسية القادر على عمل المعجزات غيرك لا يقل ذكاء عنك لا تدع ثقتك بنفسك تستحيل غرورا قاتلا.
لا تبدأ العمل وقد بنيت في الهواء القصر الذي ستبنيه من المال الذي ستجنيه من الربح المؤكد وأن فعلت فأن الخسارةستكون مدمرة لك .
لا تبدأ العمل مأخوذا بالشعارات التي كثرت على مواقع تقديم هذه الخدمة الجدية منها وغير الجدية الشعارات التي تصور لك الربح مضمونا والغنى ميسورا وذلك باستعمال كلمات معسولة وشعارات مبرمجة تتوجه إلى مشاعر القارئ أو السامع لا إلى عقله .
ارم كل هذا وراء ظهرك واعمد إلى تحكيم عقلك بكل نفس من أنفاس صدرك أكتمها حيث يجب أن تكتم وأطلقها بتروٍ حيث يجب أن تطلق .
أن التزامي الفكري والأخلاقي والديني يحتم علي أن أقول لك ولكل من يطمح لهذا العمل إن النجاح يكون بالسهر على منع الخسارة قبل وأكثر من العمل على تحقيق الربح في بداية تعلمك للعمل وفي ممارستك اللاحقة له كمهنة أساسية .
تحقيق الربح ليس صعبا .
لكن الصعوبة تكمن في تحقيق الربح لتعويض الخسارة .
إن لفي هذا مرضا للجسد وللنفس في أن .
ركز إذا على منع الخسارة وخاصة في بداياتك وأن فلحت في ذلك فقد فلحت في كل شيء.
إن كل خسارة يصاب بها المتعامل - وبخاصة المبتدئ - أنما هي صدمة يأس تصيب النفس وصفعة تشاؤم تتحكم بالمزاج وقبضة تشكك تمسك باليد فإذا القرار مستحيلا والتردد سيد الموقف والتنفيذ لكل صفقة يقود من فشل إلى فشل .
وليست كل خسارة ككل خسارة.
أن خسارة لصفقة تم إجراؤها بعقود اتخمت الحساب وأرهقته لهي خسارة مدمرة لا منجاة بعدها إلا بالكثير الكثير من الجهد والدعاء .
أما الآن وقد وقعت في ما وقعت فيه فلتكن لك فسحة من الوقت تطول إلى الحد الذي تراه عُد فيها إلى نفسك داو ما استطعت من الجراح بالانصراف عن السوق وهمومه.
أنسَ كل شيء.
وأن وُفقت في ذلك فعُد إلى العمل بذهن جديد وفكر جديد وهدف جديد .
مع كل صياح ديك وطلوع كل فجر في كل حين وساعة قبل اتخاذ كل قرار عليك - وعلى كل من شاء أن ينجح - أن تتلو على نفسك أنشودة الرفق بنفسك وأن تحملها فقط ما تستطيع .[/size]